Le quatrième pouvoir en Tunisie شكرا لإعلامنا
وسائل الإعلام التونسية المـرئيّة والمسموعة والمـكتوبة هـمّشت عظـمة الـثورة ونـبل مقـاصدها وحصـرتها في الـمطلبيّة الـضّيقة والفـرديّة والـمـحلّية والجهوية.... "فرّق تـسـد"... وهذه سياسة واضحة ترمي إلى بـتر الثّورة وإسـقاطها في الـتنافس الجهوي الذي من شأنه أن يطـفأ شرارة الحريّة ويُـدخل الـعباد في المزايدات والفوضى إلى حين أن تـتـعفّن الأمور؛
فمنذ 14 جانـفي إلى الـيوم، وهذه الوسائل التي مازالت مـرابطة لخدمة النـظام الـفاسد الذي ترعرعت فيه تمـرّر في خطاب تنـكّر في لباس ثوري وكلمات رنّـانة وصـور لم تتـجـرأ عدساتها إلـتقاطها أيام الحديد والنّار، تمـرّر بقـاء أسـيادها في السـلطة حتى يجثو النـظام البائد على كلاكلنا 60 سنة أخرى ،
هذه الوسائل وأبواقها، يضعون المسوح والماكياج والألوان على عـوراة حكومتهم التي حـتما سـتـتسلط بعد ستة أشهر وستـكـافئهم، يـغدقون علـيها التكريم والشكر والمباركة بأساليـبهم التي خـدّرونا بها طيلة 55 سنة مضت حـتّى جـعلونا نـنسى أنـهم ،هم ، أداة من أدوات الجـريمة وها هم نجـحوا فـألّـبونا وأقامونا ضدّ بعضـنا البعض ؛ فأصـبح كلّ واحد منّا يحاول أن يُـسند الثَـورة لنـفسه أو لـ"حومته" أو لحـيّـه أو لقـريـته أو لمعتمـديّـته أو لولايته أو لجـهـته ودخلـنا جميعـنا في إضرابات ضدّ مؤسساتنا وضدّ أنفسنا وضـدّ أخوة لنا.
إنّ النّظام مازال يـدمّر عقولنا ومازال يكرّس سـياسة التفـرقة باستهزاء تواصل منذ 1956 وتسـعى وتصـرّ كل وسائل الإعلام التونسية دون استثناء وفي شكل جديد للـتّهكّم والتـهـميش والإقصاءعلى اختيار مشاهد فـقر وخـصاصة تقـشعرّ لها الضمائرالحُـرة وتسوٍقـها كصورة تنـوب وتـلخّص وتدلّ عن تلكم القرية أو الجهة من ربوعنا التي أطلقوا عليها اسم الجهات الدّاخليّة
فإن لم يكن تهـميشا وإقصاأ فلماذا يصرّون على إبـرازنا نـبكي ونـنوح إمّا لوضعنا كعملة حضـائر وإمّا لأننا لا نـتـمتّع بـبطاقة العلاج " البيضة " وإمّا لأنـنا لم نـتـمتع بالإعانات القديمة من أغطية و"مقرونة"...إلخ..
فـانطلت علينا حـيلُ الأمن يخرج في مظاهرات واعتصام وانطلت علينا رواية ذلك التسجيل الذي انـتُـزع ثم عاد بعد 10 أيام يفبرك القبض على أفراد من عائلة الهارب المخلوع وانـطلت علينا صور حُــقن الـمخدّرات و"الـزطلة" التي اكـتشـفـتها الأجـهزة الـبريئة لأمـنـنا الوديع عـند الذيـن اعـتصموا في ساحة القـصبة والذين كادت تتـسـبّب روائحهم الـنّتـنة في تـفشّي وباء الكوليرا لولا نـباهة القاضي الفاضل وزير الداخلـية الذي أراح "البـلـْـدية" منهم ومن قذارتهم فأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل وجعلهم كعصف مأكول،
وانـطلت علينا صور الأطفال "يبوسون" البوليس الذي اغـتال أخي بالأمس وانطلت عـلينا وأقـْـنـعتـنا الـنّقـاشات اليوميّة بـهذيـانها وببزنطيّتها وبكذبها وبتـلمـيعا صورالذين مازال يقطر من أضافرهم بدم أخي مثل الغنوشي أو عبد السلام جراد أو فـؤاد المبزع وكلّ من هرول يجلس فوق الجماجم في ما يسمى بالحكومة الإنتقالية
وأقـنعتنا أنّـنا كلاب وأنـنا نسـتحـقّ العذاب والّنازية معا وهي تـمـرّر صور الخـراب الذي خلّـفناه من سرقة ونهب للـممـتلكات العامة والخاصّة خاصّة تـلك التي يملكها "سي" صخر و "سي" قيس و "سي" و"سي"... وأقنـعتنا أنـّـنا همج يـجب علـينا أن نـسلّم رقابنا للـبوليس ليـنظِـمنا وعلينا أن نعود إلى مشاغلـنا عـبيدا كما كـنّا حتّى يـعود الّـسائح يتـبوّل على وجوهنا ومن ورائه المـستثمر يـوضّفنا ب 150 دينارا نعـيل بها أنفسنا
تـفنّن مجـرمو الإعلام عندنا حتـى أنّهم ابدعوا في استغلال تـقـنيتي " الحرباء " و " قلـبان الفيستة " ووضّفوهما لأغراضهم والمتمثّلة في مسح كلّ جـرائمهم وجرائم النظام في المخلوع بن علي وفي وكالة الإتصال الخارجي ثم تحقيق كل المطامح الشخصية والمطالب المادية المتعددة والمختلفة والإنـقضاض على إرادة الحـرّية وتهميش كل النّـضالات وبث الرّعب والخوف لدى المواطن التونسي ثم تدجينه من جديد وإرضاخه للأمر الواقع وإعادة الأمور إلى نصابها وبسط نـفوذ إعـلام الطبلة والبنديرمن جديد...
فشكرا لإعلامنا إذ بدونه لن تسهل مهـمّة "سي" الغنوشي وعصابته وبدونه قد يُـمـرّر دستور امريكافونا أو أكاديمفونا أو مسامحفونا ...ليحي إعلامنا يقضا حريصا على مصالحه ومـصالح أسياده أبد الدّهر ولنـحيا نحن أبناء شعب الحـرية نضحك من سخافتهم ومن سـذاجتهم وجـهلـهم وقـصر نظـرهم